مفتتح

للمرأة دورها

أ.د. كمال أحمد غنيم

إن انغماس المرأة في معترك الحياة الفلسطينية المفعمة بمفردات الوجع الفلسطيني المكابر والمقاومة المشروعة تجاه العدوان الغاشم الذي لم ينج منه الحجر والشجر والبشر؛ إن ذلك الانغماس هو مكوّن بدهي من مكونات الوعي السياسي للمرأة الفلسطينية، فليس من السهل أن يستوعب أطفالها ببراءتهم المعروفة أبعاد معادلة الصراع دون أن تكون هي بحنانها ووعيها قد شربته قبله بسنوات. لقد تفوقت المرأة الفلسطينية على نفسها لما فهمت المعادلة، وجعلت النظرية حقائق تمشي على الأرض، وقد منحت أبناءها بذلك القدوة الممكنة لا القدوة التي يسمعها الأبناء  في الحكايات. وقد تفوقت المرأة الفلسطينية على المرأة العربية في وعيها السياسي، لذلك كانت انتفاضتها الجماهيرية وأطفالها عام 1987 قبل انتفاضة المرأة العربية بربع قرن تقريباً، بل إن تلك الانتفاضة وتداعياتها كانت رافعة من روافع اليقظة العربية الذي نعيش صخبه وتفاعلاته.

لا شك أن المرأة قد أثرت في تلك الأحداث وتأثرت بها، فقد كان لرائداتها الفضل في الدفع باتجاه التغيير الإيجابي، وتأثر الكثير من النساء بتلك الدعوات وتفاعلن مع مبادئها وصنعن بها الجيل الجديد. وكان لذلك التفاعل الدور الكبير في إنضاج الحراك وصولا إلى الربيع العربي الذي نتمناه. وقد أسهم الحضور السياسي للمرأة الفلسطينية في التأثير على معطيات الانتخابات الفلسطينية قبل أعوام.

ولو لم تتفاعل المرأة مع الثقافة الجديدة لما أثمر الحراك هذا المشهد النوعي الذي حلم به الإنسان العربي عبر العقود الأخيرة. سواء على الصعيد المحلي أو العربي المحيط بنا. إننا نعايش اليوم وعيا إيجابيا لا يكتفي بالتعبير عن الرأي وحسب، وإنما يحارب بكل الطرق المشروعة من أجل وضع ذلك الوعي في نصاب التطبيق العملي الذي يصحح المسار ويعيد للأمة مجدها التليد.

أنصح المرأة الفلسطينية بالحرص الدائم على الريادة، وأن تبدع في مجالات العطاء، ولا تنتظر الآخرين، بل تبادر إلى الإتيان بالجديد. وأن تكون أمام الرجال العظماء لا وراءهم وحسب!